قتل خمسة من صحفيي الجزيرة يوم الأحد، وأعلنت إسرائيل مسؤوليتها فورًا، ما يعكس المرحلة التالية في خطة الاحتلال الإسرائيلي لغزة، والتي تهدف إلى إسكات توثيق الفلسطينيين للجرائم الحربية والاحتلال العسكري. حسبما ذكر الكاتب عابد عبده شهدة، يعكس هذا تنفيذ قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي باحتلال غزة، ويؤكد كيف تجاوزت إدارة نتنياهو نقطة اللاعودة وسط الضغط الدولي المتزايد والانقسامات الداخلية العميقة في المجتمع الإسرائيلي.

يعتمد نتنياهو على القمع العنيف لجميع أشكال المقاومة، بهدف القضاء على الطموحات الوطنية الفلسطينية بأي ثمن، مستفيدًا من الصراعات السياسية والاجتماعية المحلية والدولية لتحقيق إعادة كتابة قواعد اللعبة على المستويين الداخلي والدولي. وفي الوقت نفسه، يشير الضغط الدولي والاعتراف الغربي المحتمل بالدولة الفلسطينية إلى وجود رافعة دبلوماسية يمكن استخدامها، حسب ميدل إيست آي، لردع إجراءات الاحتلال القادمة.

على مدار 22 شهرًا من حملة القتل الجماعي في غزة، اكتفى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتوجيه إهانة لحماس ووصفهم بـ"الكلاب"، مع استمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل وتجاهل تحركاتها الرامية لتقويض السلطة الفلسطينية اقتصاديًا وإحداث انهيارها. لا يضمن الوضع الحالي استمرار القيادة الحالية أو العلاقات القائمة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، مما يجعل الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية أداة محتملة للقيادات المستقبلية للضغط على إسرائيل واحتلالها لغزة.

تعكس الأحداث التحديات الهيكلية التي تواجه الفلسطينيين: الاعتماد الاقتصادي على إسرائيل، انتشار المستوطنات بشكل متعمد لقطع تواصل الأراضي في الضفة الغربية، والحياة تحت مزيج من الوضعيات السياسية المتنوعة، جميعها مرتبطة بالمؤسسات التي تسيطر عليها إسرائيل. ورغم هذه العقبات، يواصل نتنياهو تقدير أن الحرب ستفرض ثمنًا، وأنه، إلى جانب حلفائه وجزء كبير من المجتمع الإسرائيلي، على استعداد لدفعه لتحقيق أهدافه.

تخطط إسرائيل لفرض السيطرة الكاملة على غزة ونقل السكان، بالإضافة إلى إعادة هندسة سياسية واجتماعية في الضفة الغربية المحتلة. وتشمل الخطة أيضًا تغييرات محتملة في الوضع القائم في المسجد الأقصى، مع استخدام القوة المفرطة وغير المسبوقة لتحقيق أهدافها. تحذر بعض الأصوات من القيود الاقتصادية والعسكرية لهذه السياسات، إلا أن نتنياهو يرى أن الهدف الأساسي يتجاوز البقاء السياسي، إذ يسعى إلى تفكيك الطموحات الوطنية الفلسطينية بشكل كامل.

تواجه إسرائيل تحديات حقيقية تشمل نقص القوات، انخفاض الروح المعنوية، معارضة بعض أسر الرهائن، وأزمة اجتماعية تعكس انقسامات أعمق داخل الصهيونية، خاصة فيما يتعلق بالتضحية بالرهائن من أجل أهداف الحرب. مع ذلك، لم تنتج هذه التحديات حركة احتجاج جماعية لوقف الحرب، بينما تركز الاحتجاجات الرئيسية على إطلاق سراح الرهائن فقط، دون أي قوة سياسية أو اجتماعية إسرائيلية تعارض حملة القتل الجماعي.

تبرز حالة الصحفي أنس الشريف، الذي قتل لأنه كان صوت غزة، كمثال على الخطر المباشر الذي يواجه من يوثق الانتهاكات. على المستوى الدولي، يسعى الضغط المتزايد إلى خلق حواجز قانونية ودبلوماسية لمنع طرد الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، وربما توليد نفوذ اقتصادي على إسرائيل وقطاع الأعمال فيها. ويتيح هذا المجال السياسي للفلسطينيين ليس فقط لمقاومة الحملة، بل أيضًا للمطالبة بالتحرير الوطني.

يشدد الكاتب على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يمثل فعلًا "جيدًا" أو "سيئًا" بذاته، بل يجب استخدامه كأداة لمنع تهجير الفلسطينيين ومحو القضية الفلسطينية. وإلا، فإن القتل المتعمد لخمسة صحفيين من الجزيرة سيمثل بداية مرحلة جديدة مروعة من الصراع، حيث تستطيع إسرائيل إسكات أي توثيق لجرائمها، ويكتفي العالم بالمشاهدة.

في النهاية، يؤكد عابد عبده شهدة أن القضية الفلسطينية تتطلب بناء تحالفات شعبية واستخدام كل الأدوات السياسية المتاحة لمواجهة الاحتلال وحماية الحقوق الوطنية، مع الاعتراف بأن الظروف الدولية غالبًا ما تتجاهل الرأي العام وتدعم سياسات القمع إذا خدمت مصالحها الاقتصادية أو الأمنية.

https://www.middleeasteye.net/opinion/how-murder-al-jazeera-journalists-part-israels-gaza-occupation-strategy